السبت، 29 مارس 2014

ليتنا في سورية نتعظ

ليتنا في سوريا نتعظ



د. رياض الخوام :



قلَّ أن تجد جلسةً سورية لم يتعرض فيها الجالسون لمأساة سورية، لأن الألم يعتصر قلوبهم والأسى لا يكاد يفارقهم فالخطب جلل والنكبة فظيعة، بعضهم يرجع سبب ضياع سورية إلى وجود الطوائف المارقة التي تغلغلت تحت شعارات القومية العربية ووصلت إلى الحكم ، منهم الإسماعيلي ومنهم الدرزي ومنهم النصيري.. وترى هؤلاء يسردون عليك أسماء كثيرة ترجع إلى الطوائف المتعددة وكلها تلتقي في هدف واحد وهو كره أهل السنة والجماعة، وبعض الجالسين يرجع ذلك إلى الجماعات الإسلامية السياسية ، وبعضهم يرجع سبب المأساة إلى سذاجة الشعب السوري وبساطته، وبعضهم يعتقد أن سورية لم تتحرر، وأن كل الرؤساء الذين تعاقبوا عليها وضعتهم الاستخبارات الأمريكية والغربية، وبدهي أن كل صاحب رأي يدلي ببعض الأدلة تأكيداً لما يراه، وكنتُ إذا سمعت ذلك منهم يخطر ببالي : نعيب زماننا والعيب فينا .. ثم يخطر ببالي الحديث النبوي المشهور وهو أن الحاكم سيف الله في الأرض ينتقم به ثم ينتقم منه ، وهكذا تتداعى في ذهني أشرطة من الذكريات عشناها في بلادنا سورية ، وفي هذا الشريط وقفة يمكن أن تفسر أسباب النكبة السورية وهي أن المشايخ السنيين العاملين لم يقوموا بدورهم الذي كان يجب أن يقوموا به ، تركوا الناس في مهب الرياح تلتقطهم التيارات السياسية في حين أن الناس بحاجة إلى تربية مشيخية تنصقل بها نفوسهم، وتتزكى بها أرواحهم وعقولهم ،لأن أكثرها بات ذا أغراض شخصية أقلها ( الأنا ) التي مزقت هذا الشعب وشتته وجعلته جماعات متنازعة ، الأمر الذي دفع بكثير من شباب أهل السنة والجماعة إلى السير مع الأحزاب السياسية ، لأن هذه الأحزاب إذا أعطيتها الولاء فسوف يكون لك المستقبل الجيد من منصب إداري رفيع يستتبعه وجاهة تنصب في (الأنا) المتغلغلة في نفسه ، لقد كان الريف السوري عموماً يعيش منقطعا عن المدن ، فلا يأتي إلى المدينة إلا لكي يشتري حوائجه منها ثم يعود إلى قريته، وهذا الانقطاع عن سكان المدينة جعله يعيش في شعور خاص يتمثل في اعتقاده أنه أقل رتبة من أهل المدن، فيتلقفه العلمانيون من بعثيين وإشتراكيين وشيوعيين لأنه وجد ذاته معهم ، وهؤلاء أكثرهم من أهل السنة والجماعة فإذا انتمى إلى حزب من هذه الأحزاب وأظهر تفلتاً في دينه سُمح له بدخول الجيش والكليات الأمنية وفتحت له دوائر الدولة كلها ، وهذا الرجل المسلم السني سواء أكان من أهل الريف أم من فقراء المدن يحمل في قلبه الأسى والألم من أهل السنة أنفسهم ،لاعتقاده بأنهم لم ينصفوه ، ولقد رأينا هؤلاء في عهد الأسد وابنه بشار أشد عداوة لأهل السنة من الطوائف المارقة الأخرى، أسوق للقارئ ذلك لئلا يتعجب من ظاهرة المقداد والمعلم والزعبي وغيرهم من السنيين الذين يؤيدون هذا النظام الخائن الحاقد، هؤلاء السنيون المنحلون باعوا دينهم لأنهم لم يتربوا التربية الصالحة عند المشايخ ، نعم عند المشايخ وليس عند الجماعات الإسلامية السياسية، فيا ليت المشايخ بعد خروج فرنسة خططوا لهذا الشعب المسكين ،ونشروا فيه الإسلام الهادئ الصافي النقي فيكون المسلم مع الله ،ولله لا تهمه المناصب لا يلتفت إلى هذ الدنيا أبداً، رحم الله مشايخنا سرائرهم نقية وقلوبهم صافية، جعلهم الفقر أحياناً لا يفكرون إلا في تدبير لقمة العيش وأحياناً حاربتهم التيارات الإسلامية السياسية جهلاً فتخالفوا، وأحياناً أشغلوا أنفسهم بالخلافات بينهم ، وأحياناً تقوقعوا على أنفسهم فلم يتعدوا المسجد الذي بقرب منزلهم ، كل ذلك جعلهم يبتعدون عن هذا الشعب المسكين في حين كانت الذئاب تأكل من الغنم السارحة الشاردة، رحم الله مشايخنا رحمة واسعة وعفا عنا وعنهم ،والله غالب على أمره اللهم ارحم هذا الشعب المسكين وغير الأحوال يا فاطر السماوات والأرضين .



المصدر :


http://ift.tt/1jIL7yS




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق