الأربعاء، 26 مارس 2014

مفتشية الوظيف العمومي لولاية تمنراست... بين سندان المحكمة ومطرقة القانون


بسم الله الرحمن الرحيم


محاكمة الوظيف العمومي بسبب تجاوزات وأخطاء كارثية

بعد سلسة من الفضائح والتجاوزات الخطيرة التي وقعت فيها مفتشية الوظيف العمومي لولاية تمنراست وتماديها في اتخاذ قرارات لا تخضع لأي منطق قانوني وعقلاني، قررت مجموعة من أساتذة التعليم المتوسط الذين تم ادماجهم كأساتذة رئيسيين في 03 جوان 2012 بموجب المرسوم التنفيذي رقم 12-240 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي 08-315 المتضمن القانون الأساسي الخاص لعمال التربية، رفع دعوى قضائية ضد مديرية التربية ومفتشية الوظيف العمومي لولاية تمنراست بسبب أن ادماجهم كان طبقا للقانون وبعد دراسة ملفاتهم من طرف مديرية التربية و مفتشية الوظيف العمومي, كما أنهم تلقوا مخلفات عن هاته الترقية وتقاضوا مرتباتهم على ذلك الأساس, لذلك فهم لم يرتكبوا أي خطأ ولا يمكن باي حال من الأحوال ان يدفعوا ثمن أخطاء لم يتسببوا فيها وعلى الإدارة خاصة مفتش الوظيف العمومي بصفته مسؤولا عن تطبيق القانون أن يتحمل أخطاءه ولا يلقي بها على الموظف.

ويبلغ عدد الأساتذة المعنيين بهاته القضية بـ 35 أستاذ، تم الغاء قرارات ترقيتهم لرتبة أستاذ رئيسي الصنف 13 ومطالبتهم بإرجاع المخلفات التي استفادوا منها وتقدر بأكثر من 09 مليون سنتيم لكل أستاذ.

ومن جهة فان الوظيف العمومي لولاية تمنراست اثبت فشله الذريع وعجزه الكامل في تفسير القوانين واستيعاب التعليمات الصادرة من المديرية العامة للوظيف العمومي وهذا من خلاله إصراره على التطبيق الحرفي لنص القانون بدل روحه، وعدم استخدام المرونة في معالجة المشاكل والقضايا التي تطرح عليه من لدن الموظفين والادارات والمؤسسات العمومية عل مستوى الولاية، فأغلبها يشتكي من بطء معالجة الملفات والتي تستغرق أحيانا أشهرا بدل أسابيع إضافة الى تعقيد الإجراءات الإدارية بدل تبسيطها.

قصور فادح وجهل فاضح في تفسير القانون الواضح

وما حدث مؤخرا في المسابقات المهنية لقطاع التربية خاصة رتبة مدير متوسطة ومفتش التعليم الابتدائي في تخصص المواد لخير دليل على هذا التعسف وغياب رؤية قانونية مقنعة، ففي حين أن أغلب الولايات أشرت على ملفات الناجحين في هاته المسابقات ظل مفتش الوظيف العمومي لولاية تمنراست يتخبط خبط عشواء ويسير في ليل مظلم دون قمر يضيئ أو نجم يهتدي به, فظلت النتائج لديه أكثر من 03 أشهر دون أن يهتدي الى قرار ويصادق على النتائج ويعيدها الى مديرية التربية وهذا بالرغم أن عدد المترشحين لمستبقة مدير متوسطة لم يتجاوز 32 مترشح من أجل الظفر ب05 مناصب و نفس الامر في رتبة مفتش ابتدائي حيث لم يتجاوز عدد المترشحين 20 مترشح الا بقليل.

وبعد هذا الانتظار الطويل ورغم صدور رخصة استثنائية من المديرية العامة للوظيف العمومي التي تقتضي على نجاح المستشارين المنحدرين من رتبة أستاذ تعليم متوسط الا ان السيد مفتش الوظيف العمومي تقيد بالنص الحرفي للتعليمة وأقصى المستشارين المنحدرين من رتبة أستاذ تعليم أساسي رغم انهما من نفس السلك أي سلك التدريس.

ولم يكتف مفتش الوظيف العمومي بإقصاء المستشارين المنحدرين من رتبة أستاذ تعليم أساسي فقط بل أقصى أيضا الأساتذة الرئيسيين المشاركين في المسابقة وحجته في ذلك انهم لا يستفيدون من الاحكام الانتقالية للمادة 31 و31 مكرر لأنهم استفادوا منها في الادماج لرتبة أستاذ رئيسي في 03 جوان 2012. وبنفس التبرير رفض نجاح كل مفتشو التعليم الابتدائي تخصص مواد لان المترشحين لهاته الرتبة هم من الأساتذة المكونون في الابتدائي الذين تم ادماجهم في 03 جوان 2012.

وهو قصور فادح وجهل فاضح بالقانون وروحه وتقيد صارم في غير محله، فكل ذي لب متفتح وعقل وبصيرة يعلم أنه لا يمكن التمييز بين مستشار منحدر من رتبة أستاذ متوسط وآخر من رتبة أستاذ تعليم أساسي لانهما مصنفان ومرتبان في نفس التصنيف ويقومان بنفس الوظيفة ويؤديان نفس المهام، والرخصة الاستثنائية ذكرت المستشار المنحدر من رتبة أستاذ متوسط لان رتبة أستاذ تعليم أساسي رتبة آيلة للزوال ولم يعد لها وجود في الرتب القاعدية للتوظيف في قطاع التربية.

مفتشية الوظيفة العمومية لا تفرق بين الادماج والترقية

أما المادة 31 مكرر فان سريان مفعولها حسب المديرية العامة للوظيف العمومي ساري المفعول الى 28 ماي 2017، كما أن ادعاء السيد مفتش الوظيف العمومي لولاية تمنراست بان هاته المادة لا يمكن الاستفادة منها مرتين يجعلنا نعتقد جازمين بأن السيد المفتش لا يفرق بين الادماج والترقية ولم يقرأ جيدا وبتمعن نص المادة 31 مكرر بشكل متأني، حتى لا نقول أكثر من ذلك وسأتطوع عن طيبة خاطر لشرح هذا اللبس والغموض، فالإدماج هو ترقية استثنائية تتم بصفة اجبارية ضمن الاحكام الانتقالية لتطبيق قانون جديد في قطاع ما. لذلك فان الموظف في الادماج لا يترقى بطلب منه أو رغبة كما انه لا يمكنه الرفض كذلك، وانما ترقية تعتمد على شروط محددة ومؤقتة تتطلب اقدمية معنية في رتبة ما أو مؤهل علمي من اجل الادماج في رتبة جديدة غالبا ما تكون مستحدثة.

بينما الترقية في الرتبة او السلك فهي الترقية العادية المنصوص عليها في المادة 107 من الامر 06-03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، والتي تحدد بوضوح ودقة أن الترقية في الرتب للموظف تتمثل في الانتقال من رتبة الى رتبة أعلى في نفس السلك أو في السلك الأعلى مباشرة بأحد الطرق الأربعة وهي:

1- على أساس الشهادة.

2- بعد تكوين متخصص.

3- عن طريق امتحان أو فحص مهني.

4- عن طريق الاختيار بعد التسجيل في قائمة التأهيل.

إذا هاته هي طرق الترقية العادية التي وردت في القانون وهي ترقية تتم بناء على طلب الموظف ورغبته واختياره، لذلك فلا وجود لشيء اسمه الترقية عن طريق الادماج لان المشرع اعتبر الادماج ترقية استثنائية اجبارية للموظف قد تكون لها عواقب سلبية على مسار الموظف. فمثلا المستشار التربية (الصنف 13) الذي كان يحوز على 10 سنوات أقدمية بتاريخ 31-12-2011 تم ادماجه اجباريا كمستشار رئيس للتربية (الصنف 14) بدءا من 03 جوان 2012, وهو حسب مفتش الوظيف العمومي لتمنراست لا يملك 03 سنوات اقدمية من هذا التاريخ ليشارك في مسابقة مدير متوسطة بينما مستشار التربية الذي كان يحوز اقل من 10 سنوات أقدمية بتاريخ 31-12-2011 لم يدمج كمستشار تربية وبقي مستشارا فانه يمكنه المشاركة في مسابقة مدير متوسطة لأنه يملك 07 سنوات اقدمية.

إذا واضح جدا ان الادماج أحيانا يضر بالموظف بشكل غير مقصود وتفقده أحيانا اقدميته المكتسبة والتي هي حقا مشروعا له. لذلك فان المشرع جاء بالمادة 31 مكرر ليضفي عدالة على هذا الوضع ويعطي فرص متساوية لجميع الموظفين وحتى صياغة المادة جاءت بشكل التالي:

((يجمع انتقاليا ولمدة خمس (5) سنوات ابتداء من تاريخ نشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية بين الرتبة الأصلية ورتبة الإدماج في تقدير الأقدمية المطلوبة للترقية في رتبة ما أو التعيين في منصب عالي بالنسبة للموظفين الذين أدمجوا في رتب غير تلك المطابقة للرتب التي سبق إحداثها بموجب المرسوم التنفيذي رقم 49-90 ا لمؤرخ في 6 فبراير سنة 1990 والمتضمن القانون الأساسي الخاص بعمال قطاع التربية المعدل والمتمم ((.

فنلاحظ بان المشرع يؤكد على الجمع بين الرتبة الاصلية ورتبة الادماج للترقية في رتبة ما أو التعيين في منصب عالي، وهنا نتحدث عن الحالات الاربع للترقية التي تسمح للموظف بالانتقال من رتبة الى رتبة اعلى في نفس السلك او السلك الاعلى مباشرة. لذا فالفرق واضح بين الاستخدام الاول لهاته المادة من اجل الادماج الاستثنائي والانتقالي والترقية في الرتبة من خلال المشاركة في امتحان مهني.

مفتشية الوظيف العمومي والكيل بمكيالين أو يا سعد اللي بغيناه

ومن هنا فان رفض مفتش الوظيف العمومي لنجاح الاساتذة المكونون المشاركين في مسابقة مفتش الابتدائي في تخصص المواد واقصائه للأساتذة الرئيسيين في التعليم المتوسط والمستشارين المنحدرين من رتبة استاذ تعليم اساسي يعتبر خطا مهني جسيم وتجاوز قانوني خطير قام به مفتش الوظيف العمومي لولاية تمنراست وهو ما يجعله أمام مساءلة قانونية قد تفضي الى سوء تسيير او قصور اداري او تواطؤ مقصود والا كيف نفسر اعتماده لنجاح المستشارين التربويين المشاركين في مسابقة مدير متوسطة يومي 27 و 28 فبراير 2013 من خلال قبوله بالمادة 31 مكرر في تقدير الاقدمية المطلوبة وهي 03 سنوات كمستشار رئيس للتربية.

فأغلب المستشارين الناجحين العام الماضي تم ادماجهم في 03 جوان 2012 كمستشارين رؤساء للتربية وهو ما يعني ان اقدميتهم لا تتجاوز 08 أشهر وإذا طبق السيد مفتش الوظيف العمومي لولاية تمنراست نفس القاعدة القانونية التي طبقها على الاساتذة الرئيسيين هذا العام لتم اقصائهم من المسابقة ورفض نجاحهم، لكنه قبل ملفاتهم وأشر عليها. وهذا ما يظهر بوضوح ان السيد مفتش الوظيف العمومي يكيل بمكيالين ويتعاطى بالقانون من وجهة نظر شخصية لتحقيق اهداف غير محددة او واضحة المعالم، فما توارد لعلمنا في الفقه القانوني هو أن القاعدة القانونية عامة ومجردة ولا تخضع للذاتية والشخصانية والمحسوبية.

وفي الاخير فانه من المتوقع أن يتم رفع عدة قضايا ضد مفتشية الوظيف العمومي لولاية تمنراست من طرف عديد الموظفين المتضررين من هاته الممارسات غير القانونية واللامسؤولة والتي لا تخدم بأي حجال من الاحوال استقرار المجتمع والسلم المدني.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق